اللقاء الحواري الرابع الذي يديره وينظمه مركز فينيق للبحوث تحت عنوان قضية وحوار
عقد مركز فينيق للبحوث والدراسات الحقلية – جامعة غزة – ندوة الحوار الفكري ضمن برنامجه “قضية وحوار
بعنوان” خلافة الرئيس عباس بين التوافق الوطني والتدخلات الإقليمية والدولية”.
وقد رحب رئيس المركز د. خالد اليازجي بالسادة الحضور داعياً إياهم الى تعميق عمليات التفكير والبحث في مجرى الحوار بغية الخروج برؤى واستنتاجات علمية ومعرفية تساعد في بناء المشهد السياسي وتخفف من حدة الارتجالية والتجريبية.
ثم قدم السيد ناصر عليوة مدير عام مركز فينيق الشكر للسادة الحضور من مفكرين وكتاب وممثلي فصائل وناشطين مجتمع مدني وصحافيين على استجابتهم للمساهمة في جلسة الحوار.
وقدم السيد ناصر عليوة مجموعة من التساؤلات بغية ضبط واثراء الحوار وقد جاءت هذه التساؤلات في سياق العنوان قيد البحث والنقاش وما يستفيض منه من تقديرات ومحددات وافتراضات.
ومن ضمن ضوابط الحوار طرح السيد مدير المركز التساؤلات التالية؛ بهدف تفتيح مزيداً من الأفكار وتعميق الإحاطة بعنوان الندوة بغية الوصول الى صياغة رؤية ناظمة لصياغة المشهد السياسي المستقبلي في فلسطين
وقد جاءت الأسئلة والافتراضات والتساؤلات على الشكل التالي:
أولاً: هل حدد الرئيس عباس سلفاً المشهد السياسي خلفه من خلال تعطيل وتفريغ وتفكيك المؤسسة التشريعية والقضائية والسياسية؟
ثانياً: هل عمل الرئيس عباس على هندسة النظام السياسي القائم على حكم الفرد والحاشية وعليه فقد قدم نموذجاً للحاكم الديكتاتوري وأصلّ لمنظومة الحكم بالفساد والافساد؟
ثالثاً: هل انتقلت عدوى الديكتاتورية والإدارة بالبطانة الى النظام السياسي بمعناه الشامل بما له من مكونات، أحزاب، نقابات، هيئات مجتمع مدني، مؤسسات اقتصادية وانتاجية؟
رابعاً: في ظل حالة الانقسام التي شهدها عصر الرئيس محمود عباس هل يشكل غيابه فرصة لإعادة بناء التوافق الوطني الذي يبدأ بالاتفاق على إعادة بناء النظام السياسي بشكل شامل من خلال آلية العمل الديمقراطي والانتخابات؟
خامساً: في ظل غياب التوافق الوطني والتعرضات الإقليمية والدولية لاختيار خلافة الرئيس عباس هل يمكن أن نصل الى حالة من الفوضى السياسية والصراع بين مراكز القوى والشخصيات النافذة في السلطة؟
سادساً: بعد أن فككَّ الرئيس عباس حركة فتح وأعاد تركيبها وفقاً لمنظومة الولاء القائمة على الجذب والنبذ فهل تتمكن حركة فتح من استعادة دورها السياسي بعد أن تحولت الى حزب حاكم بصيغة الديكتاتورية، وهل سيكون لهذه الحركة لاحقاً دوراً في تحديد وتجديد النظام السياسي الفلسطيني وعليه هل بالضرورة أن يكون الوريث القادم للرئيس عباس من قلب حركة فتح؟
سابعاً: كيف تنظر حركة حماس والفصائل المقربة منها لاختيار خليفة الرئيس عباس على ضوء التعقيدات الناجمة عن تفكيك النظام السياسي والقانوني، وعليه فهل ستذهب حركة حماس الى أي من الخيارات التالية:
- الدخول في عملية محاصصة مع حركة فتح لتقاسم النظام السياسي من سلطة وطنية ومنظمة تحرير وما يتبعها من مؤسسات.
- أن تأخذ حماس موقفاً رادكارياً وتصر على إعادة بناء النظام السياسي عبر العملية الانتخابية الشاملة.
ثامناً: دور المحاور الإقليمية والمراكز الدولية في تحديد آلية وشخصية خليفة الرئيس عباس.
- الدور الإسرائيلي، حجم هذا الدور ونفوذه وعلاقاته التي تسمح له بلعب دوراً مركزياً في تحديد خليفة الرئيس عباس.
- الدور المصري الأردني معطوفاً على اسنادات خليجية (السعودية، قطر) في التوافق أو التعارض مع الموقف الإسرائيلي.
- الموقف التركي والإيراني متبوعاً بموقف حركة الاخوان المسلمين وامتدادات النفوذ الإيراني.
- الموقف الأمريكي الأوروبي وأثره على المواقف الإقليمية.
- تأثير نفوذ الموقف الأمريكي والأوروبي المباشر على مختلف الأطراف الفلسطينية.
وقد تناول الحضور الكريم نقاش بعضاً من تلك الأسئلة من خلال وجهات نظر متعددة أثرت وأغنت الحوار وولدت مزيدا من التساؤلات والاستفسارات، وقد تقدم السيد وجيه أبو ظريفة بتكثيف وجهة نظره بالربط بين ضرورة التلازم في تغيير النظام السياسي مع احداث تغيير في البرنامج الوطني بحيث نُحدث نقلة في مبنى النظام السياسي ككل ولا يقتصر التغيير على رأس النظام السياسي ونوه السيد أبو ظريفة الى خطورة التدخلات الإقليمية والدولية التي تسعى الى إبقاء النظام السياسي على وضعه الراهن من خلال توفير الدعم المادي والسياسي بهدف إبقاء الأزمة والتأزيم داخل الساحة الفلسطينية، كما أشار السيد أبو ظريفة الى أن حركتي فتح وحماس تسيران في مشروع تعزيز الانقسام وصولاً الى الانفصال، وختم السيد أبو ظريفة بالقول نحن ذاهبون نحو اللاتوافق فيما يخص إعادة بناء النظام السياسي.
أما السيد محسن أبو رمضان فقد أشار الى أن بنية النظام السياسي الفلسطيني تتوزع بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة وهذا سيؤدي الى نزاع على الشرعيات مما يؤدي الى غياب أي عنوان فلسطيني جامع بعد أن تم افراغ مؤسسات منظمة التحرير من مضمونها النضالي والتمثيلي كما حذر السيد أبو رمضان من محاولة إسرائيل اعادتنا الى المربع الأول عبر مشاريع الضم والتمييز العنصري والاستيطاني ، وختم السيد أبو رمضان بالدعوة الى العودة الى منظمة التحرير الفلسطينية كجبهة وطنية عريضة قادرة على قيادة الشعب الفلسطيني وطالب بالعودة الى القاعدة الانتخابية التي من خلالها يتم تجديد النظام السياسي.
وفي مداخلة مركزة قدم السيد تيسير محيسن رؤيته من خلال ربط ديناميات تطور الحالة الفلسطينية والنظام السياسي بإدارة الصراع مع إسرائيل واعتبر السيد محيسن أن حقبة الرئيس أبو مازن انتهت في العام 2008 فالرئيس أبو مازن جاء ليدير العطب في النظام السياسي الذي كان يعاني من الانحلال والتفكك الذي ولدته قيادة ياسر عرفات واعتبر السيد محيسن أن المرحلة التي أتت بعد العام 2008 هي مرحلة العجز الذي أصاب النظام السياسي الفلسطيني بشكل عام وأضاف ان غياب وتغييب فكرة الكيانية والهوية الذي تعبر عنها منظمة التحرير الفلسطينية أفضى الى تهديدات تجاوزت النظام السياسي الى الوجود السياسي وختم السيد محيسن بالقول ان تفرد أي فئة بإدارة النظام السياسي يشكل تهديدا حقيقياً في بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه.
ثم قدم السيد أسامة الحاج أحمد رؤيته حول واقع النظام السياسي الراهن بالقول لا يوجد شرعيات لكل مركبات النظام السياسي سواءاً فيما يخص مؤسسات منظمة التحرير أو في مؤسسات السلطة و أضاف ان التدخلات الخارجية هي التي ستحدد رأس النظام السياسي الفلسطيني مشيراً الى أن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية هي من يقود عملية تحديد هوية الرئيس الفلسطيني وأضاف أن أغلبية من الشعب الفلسطيني أن الرئاسة الفلسطينية يجب أن تكون من حركة فتح وأن الرئيس يجب أن يكون فتحاوياً وطالب السيد أسامة الحاج أحمد بضرورة أن يمثل الرئيس الشعب الفلسطيني ككل، وطالب السيد الحاج أحمد بضرورة ترتيب خلافة الرئيس عباس قبل رحيله من خلال منظمة التحرير الفلسطينية بتوافق الكل الفلسطيني على شخصية الرئيس وأضاف بضرورة اجراء حوار وطني شامل يفضي الى التوافق على اجراء انتخابات شاملة.
وأشار السيد صلاح الدين أبو ركبة في مداخلته الى غياب النظام السياسي القادر على انتاج خليفة الرئيس عباس معتبراً أن الانقسام الحاصل في الساحة الفلسطينية يعطل أي عملية توافق وطني على اختيار خليفة للرئيس عباس وقدر السيد صلاح الدين أبو ركبة أن المأزق الفلسطيني سوف يتعمق وسيستمر في المستقبل وأشار الى ان الانتخابات على أهميتها لا تؤدي الى اصلاح النظام السياسي وحذر السيد أبو ركبة من خطورة الصراع الداخلي في الضفة الغربية الذي قد يفضي الى الاشتباك المسلح بين أجنحة فتح المتصارعة التي بدأت وفق قوله بالاستعداد لموجة صراع دموي محتملة وختم السيد أبو ركبة مداخلته بالمطالبة بتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية كمخرج آمن لأزمة خلافة الرئيس عباس.
أما السيد أشرف دحلان فقد نفى الوجود لشيء اسمه النظام السياسي في فلسطين واعتبر أن مفهوم النظام السياسي لا ينطبق على الحالة الفلسطينية بكافة مركباتها وأشار الى واقع الانفصال والانقسام بين الضفة الغربية وغزة ومناطق تواجد الفلسطينيين في مناطق أخرى وأضاف أن الرئيس أبو مازن هندس النظام السياسي الفلسطيني وفق مقتضياته الخاصة وسمح من خلال هذه الهندسة بالتدخل من قبل مختلف الأطراف الإقليمية والدولية ولعل أبرز سمات هذه الهندسة هو الانقسام الذي تحول الى انفصال هذا الانفصال الذي سيعطي لكل من فتح وحماس حرية التصرف دون أي ضوابط فيما بعد مرحلة الرئيس عباس فحركة فتح يمكن أن تنتخب رئيساً وبالمقابل حماس لن تقبل بهذه النتيجة وتطالب بالعودة الى القانون الأساسي وختم السيد أشرف مداخلته بالقول الجميع يعمل على تعزيز الانقسام والكل يسعى الى الحفاظ على ما لديه من حصة.
أما السيد ربيع أبو حطب فقد أشار الى أن النظام السياسي الفلسطيني تاريخياً هو صناعة إقليمية ودولية ولا يوجد أثر لإرادة الشعب الفلسطيني فيه، وما هو قادم على صعيد النظام السياسي لن يتجاوز مفهوم روابط القرى بصيغة متجددة اسمها رابطة القرى الكبرى توصف بحكومة ذات صلاحيات سياسية يرأسها شخص لا يكون محط خلاف عليه ويحظى بدعم المجتمع الدولي والإقليمي.
أما السيد عبد الله العقاد فقال لقد نجح الرئيس عباس في اختزال النظام السياسي بشخصه ويسعى جاهدا الى تغييب البديل مما سيفضي الى تعدد الخيارات لعل أبرزها هو خيار التوافق الوطني على شخص الرئيس المقبل وهذا التوافق يتم تعميده بالعملية الانتخابية، وقد نوه السيد عبدالله العقاد الى وجود محاولات جدية للإعلان عن تشكيل جبهة وطنية متحدة من أجل محاولات سد الفراغ الناجمة عن الفوضى المتوقعة بعد غياب الرئيس عباس، والتصدي للتدخلات الإسرائيلية في الشأن الفلسطيني.
أما السيد صلاح عبد العاطي فقد أشار الى المأزق الوطني العميق الذي تعاني منه الساحة الفلسطينية نظراً لوجود برنامجين متضادين برنامج المقاومة وبرنامج المفاوضة، وطالب السيد عبد العاطي بالتخلي عن عقلية المؤامرة التي تدعي أن إسرائيل تقرر كل شيء لدى الشعب الفلسطيني وحذر السيد عبد العاطي من وجود مخطط إسرائيلي لنشر الفوضى بالضفة الغربية بالإضافة ضرورة التنبه الى التدخلات الإقليمية الواردة من دول الجوار وختم السيد عبد العاطي مداخلته الى غياب النموذج الوحدوي القائم على برنامج الشراكة الوطنية والقيادة الجماعية.
وفي الختام، شكر د. خالد اليازجي المشاركين على المداخلات القيمة التي قدموها مؤكداً على ضرورة مواصلة منهج الحوار العلمي الضروري لتجاوز المأزق الوطني الكبير.
إعداد وتحرير أ. ناصر عليوة