التَّهجِير القَسري الإسرائيلي للفلسطينيِّين مِنَ الأراضِي الفلسطينيَّة المحتلَّة 1967 (قطاع غزة دراسة حالة)

مقدمة:

منذ نُشُوء فكرة الصهيونيَّة السياسيَّة – في أواخر القرن التَّاسع عشر- ظهَرَتْ مشاريعُ استعماريَّة تهدف إلى إقامة دولة يهوديَّة على الأراضي الفلسطينية، واعتمدت هذِه المشارِيع علَى طرْدِ السُّكَّان الأصليِّين الفلسطينيين، وتقليص وجودهم الدِّيموغرافي في وطنهم، في مقابل جلب المهاجرين اليهود من مختلف أنحاء العالم، وشكَّلت النكبة الفلسطينيَّة – عام 1948- نقطة تحوُّل محوريَّة في هذا السياق، حيثُ تمَّ تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيِّين قسرًا من قراهم ومدنهم، وما زال هذا التهجير المستمر يشكِّل أحد أعمدة المشروع الاستيطاني الإسرائيلي.

وتعتمد إسرائيل – فِي تنفيذ سياساتها التهجيريَّة- على مزيجٍ منَ الأدوات العسكريَّة والقانونيَّة والتنظيميَّة، التي تستهدف تفريغ الأراضي الفلسطينيَّة من سكَّانها الأصليِّين لصالح إنشاء مستوطنات يهوديَّة، وإحداث تغييرات ديموغرافيَّة وجغرافيَّة تُعزِّز سيطرتها على الأرض، ومعَ تصاعُد التَّيارات اليمينيَّة في إسرائيل، وتبنيها سياسات أكثر تطرُّفًا أصبحَت قضيَّة التَّهجير القسري للفلسطينيِّين تُمثِّل تهديدًا وجوديًّا للشَّعب الفلسطيني وحقوقه الوطنيَّة.

تعدُّ قضيَّة التَّهجير القسري للفلسطينيِّين في قطاع غزَّة نمُوذَجًا صارخًا للسياسات الإسرائيليَّة الاستعماريَّة، حيث تستهدفُ إسرائيلُ القطاع كجزء من مخطَّطَاتها لتفريغ الأراضي الفلسطينيَّة من سكانها، حيث شهد القطاع موجات متتالية من التَّهجِير منذُ النَّكبة، لكن العدوان الإسرائيلي الأخير – بعد السَّابع من أكتوبر 2023 – يُمثِّلُ مرحلة جديدة من التَّصعيد، فقَد لجأت إسرائيل إلى استخدام القوَّة المفرطة والتَّدمير المنهجي للبنية التحتيَّة، ممَّا أسفر عن تهجير مئات الآلاف من سكان القطاع في ظروف إنسانيَّة كارثيَّة.

تركز الدراسة على تحليل سياسات التَّهجير القسري في قطاع غزة، باعتبارها جزءًا من إستراتيجيَّة إسرائيليَّة أوسع تستهدفُ السَّيطرة على الأرض الفلسطينيَّة، وفرض واقع ديموغرافي جديد، وتسعى إلى فهم هذه السياسات من خلال استعراض جذورها التاريخيَّة وأبعادها القانونيَّة وتأثيرها في حقوق الفلسطينيِّين، مع تسليط الضَّوء على التداعيات السياسيَّة والاجتماعيَّة لهذه الممارسات على القضيَّة الفلسطينيَّة، ومستقبل حقِّ تقرير المصير.