مركز فينيق للبحوث ينظم جلسة حوارية حول علاقة السلطة بالاحتلال ما بين العجز والانفصال
مركز فينيق للبحوث ينظم جلسة حوارية حول علاقة السلطة بالاحتلال ما بين العجز والانفصال
عقد يوم الاثنين الموافق 19/9/2022 في مركز فينيق للبحوث والدراسات الحقلية، جلسة حوارية ضمن برنامج المركز الشهري قضية وحوار، بعنوان العلاقة بين السلطة والاحتلال بين العجز والارتهان .
في البدء رحب د. خالد اليازجي بالسادة الحضور، من كتاب وسياسيين ومثقفين وممثلي فصائل،
مشيرا إلي أهمية عنوان الحوار كونه يأتي في ظل تصاعد جرائم الاحتلال الإسرائيلي و ما تشهده الضفة الغربية من موجات متلاحقة لأعمال المقاومة المتعددة المظاهر والأدوات، مشيرا إلي أهمية النقاش حول مظاهر اضمحلال السلطة ومآلاتها، وفي المقابل حالة الفعل المقاوم وعمليات المواجهة مع الاحتلال الفرص والمخاطر.
إضافة إلى واقع ومستجدات الاحتلال في الضفة الغربية، ما بين الانفصال عن السلطة واشكال الاحلال محلها.
متمنياً اثراء العناوين والمحاور المطروحة للنقاش.
وقد تولى أ. ناصر عليوة إدارة الحوار حيث أشار الي ان الجلسة تهدف الى محاولة استشراف الطبيعة المتجددة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وما تحمله من مضامين وأدوات وتكتيكات وبناء استراتيجي.
إضافة الى تظهير متحولات الصراع، والتي أبرزها أن الصراع لم يعد مرتكزاً على كفة غزة وكتفها، بل أصبح اليوم مرتكزاً الى الكفة الأخرى في الضفة الغربية، مضافاً اليها رمانة القدس. هذا التكامل في الفعل المقاوم يحتاج الى صياغة معادلات سياسية على مستوى البرنامج الوطني، وتشكل به صيرورة إدارة صراع بمعادلات نوعية.
ونوه عليوة الى أن الواقع يؤكد المعادلة التالية، حيثما تغيب السلطة الفلسطينية او يضعف نفوذ اذرعتها الأمنية، يتطور ويتسع فعل المقاومة،محذرا من تبديد التراكم النضالي المتوضع في الفعل الوطني الفلسطيني. إما بسبب تضارب البرامج، والانقسامات السياسية، أو بفعل سياسة الجهل والتجريبية والعفوية التي صاحبت وتصاحب النضال الوطني الفلسطيني على مدى عقوده الماضية.
وقدم المشاركين جملة من المدخلات نورد اهم و إبراز استخلاصاتها ونتائجها في كل محور من محاور النقاش
اولا: محور مظاهر اضمحلال السلطة ومآلاتها.
حيث أكد المشاركين علي الأزمة البنوبة التي تمر بها أسلحة على مختلف الأصعدة السياسية والحزبية والأمنية والاقتصادية، حيث أعاد البعض هذه الأزمة الى مرحلة تأسيس السلطة وفق اتفاق أوسلو. الذي شكل بطبيعته خللاً وانقساما كبيراً اثر علي المشروع الوطني. وفيما رأى البعض أن مآلات السلطة الفلسطينية علي خطوره استمرارها في معادلة الارتهان لاتفاق أوسلو يجب ألا تذهب نحو الخيار العدمي، المتمثل بحل السلطة والعودة الى المربع صفر وخاصة أن هناك العديد من البدائل لخيار حل السلطة لعل أبرزها نقل وظيفة السلطة الفلسطينية الى مستوى القطاع الخدماتي الإداري.
وتحويل الدور السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية التي يجب إعادة صياغتها من جديد، بما يضمن مشاركة كافة القوى السياسية والتجمعات الفلسطينية والدور السياسي المستقبلي لمنظمة التحرير. بينما ذهب اتجاه آخر الى القول ان مأزق منظمة التحرير مأزق بنيوي عميق؛ ناتج عن حالة التفرد والاقصاء تخلف البنية السياسية أحزاباً وفصائل ومنظمات شعبية وأهلية الأمر الذي يمثل تحدي امام مسيرة التطور لبني النظام السياسي، عدا عن مظاهر الدكتاتورية، وحكم الفرد، وتعطيل المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وضرب واضعاف الرقابة المجتمعية والشعبية والإعلامية، وانتشار الفساد ، كما تسبب الانقسام السياسي وحالة التفرد في إدارة الشأن العام في تراجع وضعف واضمحلال الدور السياسي لقيادة منظمة التحرير والسلطة، وخصوصاً في القدس وغزة والشتات، وضعف علاقة القيادة بفلسطيني ٤٨ ، عدا عن انحسار علاقات السلطة بالأحزاب والقوى الديمقراطية العربية والعالمية. واضمحلال علاقة السلطة بالمنظومة الرسمية العربية، إضافة الى غياب الاتفاق علي البرنامج الوطني والإستراتيجية النضالية والقيادة الموحدة
أما فيما يتعلق بمحور مآلات ومستقبل السلطة الفلسطينية، فقد رأى الحضور أن مجموعة الأزمات البنيوية والسياسية ستفضي الى السيناريوهات التالية:
أولاً: تدهور حالة السلطة الى مستويات من العجز والضعف السياسي والأمني والمالي ولكنها تبقي تقوم بأدوارها في إطار الحد الأدنى وضمن المعادلة التي يسمح بها الاحتلال الإسرائيلي الذي يوظف هذا الضعف في إطار فرض سياسية الأمر الواقع .
ثانياً: بروز حالة من الانقسام الرأسي والأفقي، بين مركبات ومكونات النخبة السياسية في السلطة في إطار الصراع علي الخلافة في إطار الاستمرار ضمن المعادلة الراهنة ما قد يحولها الى حالة شبيهة بروابط القرى، او ما يسمى بـ(قادة المعازل المدنية) .
ثالثاً: تفكك السلطة وغياب كافة مؤسساتها، والعودة الى النقطة صفر في العلاقة ما بين منظومة الاحتلال والشعب الفلسطيني.
رابعا: الاتفاق علي تغيير وظيفة السلطة الفلسطينية في إطار إعادة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية علي أسس الشراكة والتوافق والديمقراطية ، بما يضمن نقل الوظيفة السياسية للمنظمة والالتزام بتنفيذ قرارات المجلس المركزي عام ٢٠١٥، والبدء في تجسيد مؤسسات الدولة وفق قرار الأمم المتحدة بالاعتراف بفلسطين دولة مراقب .
حول حالة الفعل المقاوم وعمليات المواجهة بين الفرص والخاطر، وقد تناول الحضور هذا المحور باستعراض تجربة المقاومة، بكل ما لها وما عليها كتجربة تاريخية، مع التركيز على محاولة فهم وتقييم الحالة الراهنة في الضفة الغربية، والقدس. باعتبارها حالة من الموجات الثورية تتمثل في عمليات المقاومة والمواجهة الشعبية التي تأتي ضمن صيرورة تطورها الموضوعية، هذه الصيرورة الآخذة في التشكل، والتي تقوم بجوهرها على ضرورة تعظيم الاشتباك مع العدو بغض النظر عن مظاهر وأشكال ممارساته الاحتلالية، وبمعزل عن علاقة المحتل بالسلطة الفلسطينية وما بينهما من تعاقدات أمنية وغيرها. مما يضع فعل المقاومة بين عتلتي ضغط، عتلة المحتل وعتلة السلطة.
وقد أشار المشاركين إلي أهمية هذه الموجه من الفعل المقاوم الذي يعتمد علي القوى الذاتية الكامنة في المجتمع الفلسطيني المتمثلة بتعاقب الأجيال والتدافع بينها في تعريف ذاتها كحالة مواطنة وحالة مقاومة، في مواجهة المحتل. هذه العملية تشكل قوة الدفع للأجيال الشابة، والأجيال الوسيطة الداعمة لها.
بين حدي هذه المعادلة من المقومات الموضوعية والمعطيات الذاتية، تتطور عمليات المواجهة بين الخصوصية الفردانية، والأفعال الجمعية المنظمة، داخل أطر تنظيمية غير تقليدية يختبرها الشعب الفلسطيني منذ فترة من الوقت.
مع الإقرار بالتطور الإيجابي لعمليات المقاومة والمواجهة، فلا بد من رصد فرص هذا التطور في مقابل المخاطر المحدقة به، وقد لخص المشاركون الفرص على النحو التالي:
- توفر تعقيدات الصراعات الدولية والإقليمية في منطقة الشرق الأوسط، عامل تهديد و نافذة فرص ملموسة لتوفير الدعم المادي والسياسي، لفعل المقاومة المتشكل في الضفة الغربية والقدس.
- تشكل التباينات بين فصائل العمل الوطني وروافدها و تؤثر سلباً على وحدة العمل المقاوم، نظراً للتعارضات والتناقضات والحسابات الضيقة لدى هذه الفصائل التي أجمع المشاركين علي انها تعاني من ازمات متعددة تتطلب تطور في الفكر والأداء السياسي وتجاوز حالة الانقسام .
- يشكل استمرار التنسيق الأمني بين السلطة وقوات الاحتلال رغم حالة الارباك الذي تعتريه خطرا حقيقيا علي الفعل المقاوم .
- تشكل جرائم وسياسيات الاحتلال الإسرائيلي والعقوبات الجماعية والفردية، عنصر ضغط كبير على فعل المقاومة وبيئتها وحضانتها المجتمعية.
- يشكل ارتكاز الفعل المقاوم في جغرافيا محددة بالضفة الغربية، مخاطر جدية تتمثل في بروز اختلالات بنيوية ومجتمعية، سواءً في جغرافية الفعل المقاوم، أو في البيئة الحاضنة له، من خلال فقدان روافد التجمعات الفلسطينية الأخرى و دورها الفاعل في عملية المقاومة.
أكد المشاركين علي أن الخيار المتاح فلسطينيا في مواجهة تهديات الاحتلال يتطلب فعل مقاوم مستمر وصولا إلى انتفاضة ثالثة شريطة أن لا يكون مصيرها كمصير سابقاتها بما يضمن اجتراح معادلة تضمن التعلم من أخطاء الماضي وتطوير مسارات الفعل المقاوم الشامل وفي مختلف التجمعات.
أما حول واقع ومستجدات الاحتلال في الضفة الغربية بين الانفصال عن السلطة وأشكال الاحلال محلها، تناول المشاركون في الندوة هذا المحور بزوايا ورؤى مختلفة فمنهم من اعتبر ان إسرائيل تنظر الى الضفة الغربية باعتبارها المكمل لأرض إسرائيل الكبرى، وتختط لها سياسة امنية ودفاعية واستيطانية استعمارية زاحفة تهدف إلي ضمها بقدر أقل من السكان ، غير أن هذه السياسات تخضع لجملة من المتحولات التي يفرزها الصراع مع الفلسطينيين، والصراعات الإقليمية في المنطقة.
فيما ابرازت مدخلات المشاركين العلاقة المعقدة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية والتي دخلت في حالة من التآكل والتراجع لأسباب متعددة علي رأسها غياب أي أفق للتسوية السياسية . عدا عن ضعف السلطة الأمني ، الأمر الذي دفع بحكومة الاحتلال واداراتها الأمنية الى اجتراح سياسة نوعية جديدة ترتكز الى مفهوم ” اليد الطولى الثقيلة” في التعامل مع ما تعتبره إسرائيل تهديدات أمنية أو مصادر قلق محتملة.
كما أشار المشاركون الى قيام قوات الاحتلال باعتماد سياسة الإدارة المباشرة والمسؤوليات المباشرة، لمختلف مناطق الضفة الغربية وتقسيماتها الأمنية (أ، ب، ج) حيث بدأت إسرائيل بتطوير مفاهيم سياسية وامنية جديدة في مرحلة ما يسمى التحضير لغياب الرئيس عباس . وما يليها من صراعات وانقسامات، في مبنى السلطة الفلسطينية، وأجهزتها المختلفة وحزبها السياسي حركة فتح.
وحذر المشاركين من مخططات الاحتلال الإسرائيلي في ظل سيطرة اليمين المتظرف علي كل مفاصل دولة الاحتلال واندفاعه في إطار مقاربة تقوم علي تصفية الصراع .و في ظل الدعم الأمريكي والغربي والتمدد الاسرائيلي في المنظومة العربية أو ما يسمى بـ ” التطبيع العربي الإسرائيلي” هذا المتغير يتوجب إدخاله في محاولة فهم السياسة الإسرائيلية المستقبلية تجاه الفلسطينيين ليس فقط في الضفة الغربية بل وفي قطاع غزة ومناطق العام 48.
إعداد وتحرير
أ. ناصر علي