الهجمة الإسرائيليَّة على وكالة الغوث (الأونروا) بعد السَّابع من أكتوبر

الأسباب والسِّياقات والتَّداعيات السِّياسيَّة والإنسانيَّة

مقدمة

أُسِّستْ وكالة الأونروا نتيجة لأزمة اللَّاجئين النَّاجمة عن النَّكبة الفلسطينيَّة في عام 1948، وكجزء من الجهود الدوليَّة لتقديم الدَّعم الإنساني للَّاجئين الفلسطينيِّين([1]) 1948، إذ تأسست بموجب قرار الجمعيَّة العامَّة للأمم المتَّحدة رقم 302([2]) الصَّادر بتاريخ 8 ديسمبر 1949، وتُعدُّ الأونروا شاهدًا على التزام المجتمع الدولي بالقضيَّة الفلسطينيَّة، وتعمل الأونروا كجزءٍ من نظام الأمم المتحدة، وتتلقَّى تمويلها من الدُّول الأعضاء([3])، وكان الهدف من إنشائها هو توفير الدَّعم المؤقَّت للَّاجئين الفلسطينيِّين في انتظار حلٍّ سياسيٍّ لقضيَّتِهِمْ.

وتتمثَّلُ مهامها الرئيسيَّة في توفير التَّعليم([4])، والرِّعاية الصحيَّة، والمساعدات الغذائيَّة، وخدمات الإغاثَة، والحماية الاجتماعيَّة، كمَا تعملُ على تحسين ظروف الحياة في مخيمات اللَّاجئين وتعزيز الاستقرار والأمان في المنطقة.

وفِي ظلِّ الصِّراع المستمرِّ في الشَّرق الأوسط تبرز وكالة الأونروا كمؤسَّسة إنسانيَّة تعمل على توفير الدَّعم والحماية للَّاجئين الفلسطينيِّين([5])، ومع ذلك واجهت الوكالة تحدِّيات جمَّة، لعلَّ أبرزها الهجمة الإسرائيليَّة الَّتي استهدفَتْ شرعيَّتَها ووجودَها، فهذا البحث يهدف إلى استكشاف الأسباب الَّتي أدَّت إلى هذه الهجمة، وتحليل التداعيات النَّاجمة عنها، سواء على الصَّعيد الإنساني أو السِّياسي أو القانوني، ومن خلال فحص الأحداث التَّاريخيَّة والمعاصرة سنحاول فهم كيف أثرت هذه الهجمة في عمل الأونروا، وما تشكله من تهديد لمستقبل اللَّاجئين الفلسطينيِّين والاستقرار في المنطقة.

([1]) تطور مفهوم اللاجئ الفلسطيني ثلاث مرات منذ العام 1949، إذ تُعرِّف الأونروا اللَّاجئين الفلسطينيِّين بـ “الأشخاص الذين كانت فلسطين مكان إقامتهم الطبيعي لمدة عامين على الأقل، قبل وقوع النزاع في 1948، والذين فقدوا منازلهم ومورد رزقهم نتيجة النزاع وهم في عوز”، وفي 4 يوليو/تموز 1967 عُدِّل التعريف وتوسع كي يشمل الأشخاص الَّذين تضرَّروا من حرب الـ 67، وفق تصريحها القاضي بذلك، كذلك شملت عمليات الأونروا اللَّاجئين الفلسطينيِّين في مصر، بعد صدور القرارين 2252 في يوليو/تموز 1967، و2341 في ديسمبر/كانون الأول 1967، وعدل تعريف الأونروا للَّاجئ الفلسطيني ليشمل جميع أبناء لاجئي فلسطين الأصليِّين والمنحدرين من أصلابهم.

([2]) بدأت الأونروا عمليَّاتها في 1 مايو 1950، وكانت تستجيب في البداية لاحتياجات حوالي 750,000 لاجئ، ومع مرور الوقت وعدم تسوية قضية اللَّاجئين تجدَّدت ولاية الأونروا دوريًّا، وتوسَّعت خدماتها لتشمل التَّعليم، والرعاية الصحيَّة، والإغاثة الاجتماعيَّة، وتعتبر الأونروا مصدرًا رئيسيًّا للدَّعم لأكثر من 5 ملايين لاجئ فلسطيني، وتلعب دورًا حيويًّا في استقرار المنطقة من خلال توفير الخدمات الأساسيَّة، والإسهام في الأمن الإنساني.

([3]) الفقرة 13 من نص القرار رقم 203 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949.

([4]) في غزة وحدها، كانت الوكالة تدير 183 مدرسة قبل الحرب، تخدم نحو 300 ألف طفل فلسطيني، ويحظى التعليم بالحصَّة الأكبر من ميزانية الأونروا، ويلفت إلى أن ذلك سينعكس على 715 مدرسة، ابتدائية ومتوسطة وثانوية، تستضيف نحو 550 ألف طالب وطالبة، إذ إن الشق التعليمي يمثل ثلثي موازنة أونروا البالغة 1.6 مليار دولار أمريكي.

([5]) يعمل لدى الوكالة 32 ألف موظف في منطقة عملياتها، 13 ألفًا منهم في غزة.

اعداد: د.ابراهيم حمد