مقدمة

بِمَا أنَّ الرَّأي الاستشاريَّ يُحدِّد التَّبعات القانونيَّة النَّاشئة عن انتهاك إسرائيل المستمرِّ لحقِّ الشَّعب الفلسطيني في تقرير المصير، واحتلالها طويل الأمد، واستيطانها وضمِّها للأراضي الفلسطينيَّة دون وجه حقٍّ، واعتمادها على تشريعات وإجراءات تمييزيَّة لتزيد من معاناة الشَّعب الفلسطيني، بحيث سيكون لهذا الرأي أثرٌ قانونيٌّ كبير على أهل القدس خاصَّة، وعموم أهل فلسطين عامَّة، فإنَّ لهذا القرار والفتوى أهميَّة كبيرة في سياق مواجهة الإجراءات والممارسات الإسرائيليَّة المُخالفة لقواعد القانون الدَّولي.

إذ إنَّ أهميَّة الرأي الاستشاري – الَّذي صدَر عن محكمة العدل الدَّوليَّة في التَّاسع عشر من يوليو 2024 – تكمن في وضع إسرائيل ومؤيديها في خانة مغلقة، إذ أكَّدَ القرار على عدم قانونيَّة استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينيَّة، ممَّا يجعل منه أداة قانونيَّة وسياسيَّة في ترسيخ الحقوق المشروعة للشَّعْب الفلسطيني، وتقرير مصيره بناء على الفتوى الدَّوليَّة التي وضعت العالم والمجتمع الدولي والمنظمات الدَّوليَّة أمام مسؤولياتها تجاه الممارسات والانتهاكات الإسرائيليَّة المستمرَّة غير القانونيَّة في الأراضي الفلسطينيَّة، حيث تعتبر هذه الفتوى بمنزلة وثيقة قانونيَّة وسياسيَّة غاية في الأهميَّة، ممَّا يُمكِّن الشَّعب الفلسطيني من الاستفادة منها سياسيًّا وقانونيًّا بما يضمن تعزير حالة الاشتباك السِّياسي والقانوني في المحافل القانونيَّة الدَّوليَّة.

من هذا المنطلق جاء العدد الأول من قراءات إستراتيجيَّة؛ لكي يُقدِّم قراءة قانونيَّة وسياسيَّة في فتوى محكمة العدل الدَّوليَّة حول عدم قانونيَّة استمرار الاحتلال الفلسطيني للأراضي المحتلَّة عام 1967، من خلال قراءة قانونيَّة للأكاديميَّة العراقيَّة الدكتورة خلود العبيدي الباحثة في القانون الدَّولي والعلاقات الدَّوليَّة، وقراءة سياسيَّة للباحث الفلسطيني الدكتور منصور أبو كريّم، الباحث في الشُّؤون السِّياسيَّة والعلاقات الدَّوليَّة، من أجل تعظيم الاستفادة من هذا القرار التَّاريخي، بما يُسهِم في تنفيذ حق تقرير المصير للشَّعب الفلسطيني، وإقامة الدَّولة الفلسطينيَّة على حدود عام 1967.